يعد البحر الأحمر أحد أهم الممرات المائية في العالم، حيث يربط أوروبا وآسيا وأفريقيا عبر قناة السويس. ومع ذلك، منذ أواخر عام 2023، تعاني المنطقة من تصاعد العنف وعدم الاستقرار، حيث يتم شن هجمات على السفن التجارية.
وقد أدت الهجمات إلى تعطيل عمليات الشحن، وزيادة التكاليف والمخاطر، وتهديد التجارة العالمية وسلاسل التوريد. حيث تسببت في إعادة توجيه مسار الشحنات العالمية إلى طريق رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما أدى إلى تأخيرات تجارية وزيادة تكاليف الشحن.
وقد أدت هذه الأزمة أيضا إلى تكثيف الضغوط على سلاسل التوريد العالمية، والتي تفاقمت بسبب القيود المفروضة على العبور عبر البحر الأسود في أعقاب الصراع بين روسيا وأوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن الرحلات الأطول حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا سوف تكلف السفن ما قيمته مليون دولار أمريكي إضافية من الوقود لكل رحلة.
أهمية البحر الأحمر :
إن البحر الأحمر هو بحر ضيق يقع بين أفريقيا وآسيا، ويمتد من خليج السويس شمالاً إلى خليج عدن جنوباً. ويبلغ طوله حوالي 2250 كيلومترًا وعرضه 355 كيلومترًا في أوسع نقطة لها. ويقسم البحر إلى قسمين شبه جزيرة سيناء في منطقة خليج السويس الذي يؤدي إلى قناة السويس، وخليج العقبة الذي يؤدي إلى ميناء إيلات.
كما يعتبرالبحر الأحمر هو الطريق لأكثر من 15% من إجمالي التجارة المنقولة بحرًا في جميع أنحاء العالم ، والتي تشمل 8% من إجمالي تجارة الحبوب، و12% من إجمالي نقل النفط، و8% من إجمالي تجارة الغاز الطبيعي المسال.
وتعد أيضا قناة السويس واحدة من أكثر الممرات الملاحية ازدحاما في العالم، وهي الرابط الحيوي بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر
العواقب الاقتصادية على سلاسل الامداد بسبب أزمة البحر الأحمر:
يتأثر استقرار وتوسع الاقتصاد العالمي سلبًا بالصراع الدائر في البحر الأحمر. ولذلك يمكن ملاحظة تأثيرات عديدة على سلاسل الامداد في المنطقة العربية و العالم نتيجة أزمة البحر الأحمر والتي تتمثل في الآتي:
إضافة عدم اليقين إلى سلسلة التوريد العالمية
لا تزال قضية البحر الأحمر تتطور، لكن تأثيرها على شبكات الإمداد العالمية أكبر بالفعل مما كان عليه عندما ظهر وباء كوفيد-19 لأول مرة. حيث تعطلت شبكات الخدمة بشدة بسبب ضربات البحر الأحمر. ومن المرجح أن تستمر انقطاعات التجارة طوال عام 2024، مما سيؤدي إلى المزيد من الصعوبات في سلسلة التوريد وزيادة الضغوط التضخمية.
إنخفاض في حجم التجارة العالمية
إن الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر أصبحت هي العامل الرئيسي في انخفاض التجارة العالمية بنسبة 1.3٪ في الفترة بين نوفمبر وديسمبر، حسب التقرير الصادر معهد كيل للاقتصاد العالمي.
ارتفاع أسعار الشحن:
ارتفعت أسعار الشحن من شمال آسيا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة بنسبة 137 في المائة لتصل إلى 5100 دولار أمريكي للحاوية التي يبلغ طولها 40 قدمًا، كما ارتفعت أسعار الشحن إلى الساحل الغربي بنسبة 131 في المائة لتصل إلى 3700 دولار أمريكي، كما تواجه الصين أيضًا تحديات ناجمة عن اضطرابات البحر الأحمر، حيث تضاعفت تكاليف الشحن إلى أوروبا إلى ما يقرب من 7000 دولار أمريكي مقارنة بـ 3000 دولار أمريكي، مما يشكل تهديدًا كبيرًا لاقتصادها الموجه للتصدير.
زيادة تكلفة التأمين
تسببت الأزمة ايضا في ارتفاع تكلفة التأمين على الرحلات إلى باب المندب والبحر الأحمر بشكل كبير ، فلقد أرتفعت تلك الرسوم لتصل حاليًا إلى 2%، بينما هي تبلغ عادةً حوالي 0.6% من قيمة الشحنة على متن السفينة، مما يسبب في زيادة تكلفة السفر عبر قناة السويس بشكل أكبر بسبب شركات التأمين على البضائع التي تتحمل تكاليف إضافية ضد مخاطر الحرب.
إعادة توجيه المسار
شركات الشحن قامت بتعليق عملياتها من البحر الأحمر وعمل على إعادة توجيه مسار السفن والشاحنات الخاصة بها، إلى طرق بديلة. مما ترتب عليه نفقات إضافية وتأخير لمدة أسبوعين. فلقد أرتفعت تكلفة نقل من آسيا إلى أوروبا بنسبة 175-250% بسبب إعادة التوجيه إلى تلك الطرق البديلة. كما تأثرت أيضًا أسعار البنزين والنفط وأصبحت متقلبة للغاية.
تراجع في الإنتاج
توقفت العديد من الشركات عن العمل بسبب الارتفاع الكبير في سلسلة التوريد. وأيضا بسبب التأخير في الإمدادات، مما اضطر بعض الشركات إلى وقف إنتاجها ومنها على سبيل المثال، شركة تصنيع السيارات الكهربائية تيسلا التي أغلقت مصنعها بالقرب من برلين وحتى نهاية شهر فبراير. كما توقف الإنتاج لمدة أسبوع في مصنع سوزوكي موتور كورب في المجر نتيجة للتأخير في استلام المحركات وغيرها من المعدات. كما قررت شركة فولفو تعليق العمليات التصنيعية بشكل مؤقت في مصنعها في بلجيكا.
تأخير وصول البضائع للعملاء
إن الطرق البديلة للنقل تسببت في زيادة تكاليف الوقود، وتقليل كفاءة الشحن، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الواردات، بما في ذلك الشحنات الحيوية من النفط والحبوب في الشرق الأوسط وآسيا.
ارتفاع أسعار النفط
تسببت المخاوف بشأن الآثار الاقتصادية المحتملة لاضطرابات التجارة العالمية عبر البحر الأحمر وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط في وصول أسعار النفط إلى 80 دولار. ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار مع أستمرار وجود تلك الأزمة. وخاصة مع حدوث هذه الفوضى في الشرق الأوسط، والجميع يعلم أن الشرق الأوسط هو مركز الطاقة.
كيف يمكن لشركات الشحن مواجهة أزمة البحر الأحمر؟
يمكن لشركات الشحن التعامل مع أزمة البحر الأحمر من خلال اتخاذ العديد من التدابير للتغلب على التحديات التي تطرحها. حيث يمكن لشركات الشحن النظر في الاستراتيجيات التالية:
- إعادة التوجيه والتخطيط : قد تحتاج شركات الشحن إلى إعادة توجيه سفنها لتجنب البحر الأحمر واستكشاف طرق شحن بديلة للتخفيف من تأثير الأزمة.
- تعديل أسعار الشحن : قد تحتاج شركات الشحن إلى تعديل أسعار الشحن استجابة لزيادة تكاليف الشحن والاضطرابات الناجمة عن الأزمة
- الاستعداد لنقص القدرات : يجب على شركات الشحن الاستعداد للنقص المحتمل في القدرات والتخطيط لفترات عبور أطول بسبب إعادة توجيه السفن.
- مراقبة الوضع : من الضروري أن يقوم الشاحنون بمراقبة الطبيعة المتطورة للأزمة وتعقيداتها الجيوسياسية عن كثب لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن عمليات الشحن الخاصة بهم.
- معالجة اضطرابات سلسلة التوريد : يجب على شركات الشحن معالجة الاضطرابات المحتملة في سلسلة التوريد بشكل استباقي، مثل النقص في حاويات البضائع والمعدات، من خلال البحث عن مصادر وطرق نقل بديلة.
- التعاون والتواصل : يعد التعاون مع شركاء الشحن والتواصل الفعال مع العملاء بشأن التأخير المحتمل وتعديلات التكلفة أمرًا بالغ الأهمية لإدارة تأثير الأزمة على عمليات الشحن.